النهضة العلمية :
ساعد انشاء الجامعات في أوربا على تطوير جميع فروع العلوم و منها العلوم القانونية ، و ظهر في هذه الفترة أهم قواعد القانون الدولي على يد الفقهاء الكلاسكيين الذين يطلق عليهم رواد القانون الدولي .
• ميكافيلي :
دعا إلى توحيد إمارات إيطاليا و الإمارات المجاورة لها ، و قال : « أن الوسيلة لذلك هي أن يخضع الأمير الأكبر قوة باقي الإمارات ، و لو بوسائل الحرب ، غير متقيد بقواعد و أخلاق الحرب و أن القوة هي تخلق الحق و تحميه ، و الغاية تبرر الوسيلة ، و قد جعل الأمراء هذه الأفكار قاعدة لهم ، فقامت الحروب و توترت العلاقات الدولية و نادى بعض الفقهاء بأفكار الخالق ذلك أي أن العلاقات الدواية يحكمها في حالتي الحرب و السلم قانون أساسه العرف و العادة و الحقوق الطبيعية للإنسان و الدول من أشهر هؤلاء الفقهاء « فيتوريا » و هو أستاذ للقانون بإحدى الجامعات الإيطالية ، اعترف بسيادة الدولة و قال بأنها في حاجة إلى مجتمع ينظمها و يحكم علاقاتها مع غيرها .
• جيروسيوس :
و الذي نشر كتاب قانون الحرب و السلام سنة 1625 م ، تناول فيه القانون الدولي ، و اعتبر أن الدولة هي الشخص الوحيد المكون للمجتمع الدولي ، و الذي تتساوى فيه هذه الدول في سيادتها ، لذلك العلاقات الدولية تبنى على أساس احترام إرادة هذه الدول ، فهي تنشأ قواعد القانون الدولي انطلاقا من الإرادة المشتركة فيما بينها .
الاكتشافات الجغرافية الكبرى :
أدى اكتشاف أمريكا إلى فتح مجال جديد للقانون الدولي و هو التسابق بين الدول الأوربية للحصول على المستعمرات ، و في هذا الإطار عقدت عدة إتفاقيات دولية بينها قصد تقسيم هذه المناطق مثل
• المعاهدة التي وقعت بين إسبانيا و البرتغال سنة 1494 م و التي كانت تعطي الحق للبرتغال باحتلال الموانئ الإفريقية ، و تعطي الحق لإسبانيا باحتلال الموانئ الأمريكية ، و أدت هذه الاستكشافات إلى توسيع العلاقات الدولية .
• معاهدة واستفاليا سنة 1648 م هذه المعاهدة وضعت حدا للحرب التي كانت قائمة بين الدول الأوربية على أساس انقسامها بين دول مؤيدة لسلطة الكنيسة الكاثوليكية و دول أخرى تنادي بفصل أمور الدولة من الكنيسة و تعتبر هذه المعاهدة بمثابة صك ميلاد القاون الدولي ، و قد احتـــــوت على المبادئ التالية :
1. زوال السلطة البابوية من الناحية الزمنية و بقائها في الجانب الديني .
2. إقرار مبدأ سيادة الدولة .
3. اعتبار الحرب وسيلة مشروعة في العلاقات الدولية .
4. إعطاء أهمية قانونية للمعاهدات في بناء العلاقات الدولية .
إقرار مبدأ التوازن الدولي :
• نشأت عدة تحالفات مثل الحلف الأوربي المقدس ، هدفها المحافظة على استقرار أوربا و إنشاء فكرة سياسية توازن القوى الأوربية .
الثورة الأمريكية :
نتج عنها ضبط للعلاقات فيما بين الولايات المتحدة الأمريكية و الدول التي كانت تستعمرها في هذا الإطار ، جاء الإعلان المشهور « إعلان مونرو » سنة 1823 م و الذي وضع فيه السياسة الأمريكية تجاه القارة الأمريكية و
التي تتلخص فيما يلي :
1. القارة الأمريكية تتمتع بدرجة من الحرية و الاستقلال ، لا يصح معها احتلال أي جزء من أ{اضيها من قبل الدول الأوربية.
2. كل محاولة من الدول الأوربية لفرض نظامها على أجراء القارة الأمريكية ، يعتبر خطرا على أمن و سلامة الدول الأمريكية .
3. أما الولايات المتحدة لا تريد أن تتدخل في شؤون الدول الأوربية ، و لا شأن لها في الحروب التي تقوم بينها .
سياسة التحالفات الأوربية :
نشأ عن مؤتمر « فيينا » الذي عقد في سنة
1815 م التحالف الأوربي الذي كان يهدف إلى :
1. القضاء على المبادئ التي جاءت بها الثورة الفرنسية ( حق تقرير المصير ) .
2. إعادة تنظيم التوازن الأوربي .
3. تحريم تجارة الرقيق .
4. مبدأ التدخل للقضاء على الحركات الثورية داخل الدول الأوربية .
5. تنظيم الملاحة في الأنهار الدولية .
6. توفير الحماية للمبعوثين الدبلوماسيين .
و ما يمكن قوله عن هذه الفترة أنه قامت مجموعة من المبادئالقانونية الجديدة هي :
• عدد محدود من الدول ، فقد كان القانون الدولي التقليدي يطبق على القارة الأوربية .
• علاقات دولية محدودة المضمون تمثلت فيما يلي:
1. الاعتراف بمبدأ سيادة الدول ، و حق الدول في شن الحروب و شرعية نظام الاستعمار و التركيز على العلاقات الدبلوماسية .
2. تجانس كبير بين هذه الدول نظرا لأن علاقاتها محكومة بديانة المسيحية و قائمة على هذا الأساس .
شهدت هذه الفترة تغيرات جذرية أبرزها الثورة الإشتراكية ، و قيام الأمم المتحدة ، إضافة إلى اكتشافات أخرى في مجال التكنولوجيا و الفضاء و الأسلحة ، و عرف هذا العصر حروبا عالمية و توازن إيديولوجي ، جميع هذه الأمور أصبحت تشكل أبعاد جديدة للقانون الدولي ، و قد تميز المجتمع الدولي المعاصر بهذه الخصائص .
عالمية المجتمع الدولي :
لم يعد المجتمع الدولي مجتمعا أوربيا يعتمد على القانون التقليدي ، بل أصبح يضم دول تنتمي إلى إتفاقات و حضارات مختلفة مثل الدول العربية ، و الدول الآسياوية ، و الدول الإفريقية ، كما تميزت هذه الفترة بإزدياد عدة دول العالم بسبب حصول بعض الدول المستعمرة على إستقلالها ، كما تنوعت موضوعات القانون الدولي فأصبح يشمل موضوعات جديدة مثل الصناعة و التنمية و الصحة .
مجتمع دولي منظم :
أصبح المجتمع الدولي منظما لأنه محكوم بنظام قانوني يتضمن مجموعة من القواعد ، تسري على العلاقات فيما بين أشخاص المجتمع الدولي ، و قد شهد هذا العصر عدة حروب ، كما أبرمت عدة معاهدات و إتفاقيات دولية تهدف إلى إرساء و تطوير التعاون فيما بين الدول ، و تميزت هذه الفترة بنشأة أشخاص قانونية هي المنظمات الدولية ، تعمل على التخفيف من الفوضى التي كانت قائمة ، و تطوير مجال التعاون بين الدول في جميع الأنشطة السياسية و القانونية و الإجتماعية و الثقافية و العلمية ، فتأسست منظمة « عصبة الأمم المتحدة » سنة 1919 م لتنظم العلاقات الدولية و تعمل على حفظ السلم و الأمن الدوليين ، و تعهدت 23 دولة الموقعة لعهد العصبة الإلتزام بالمبادئ التالية :
1. عدم اللجوء إلى القوة في العلاقات الدولية .
2. إحترام قواعد القانون الدولي .
3. إحترام الإلتزامات و العهود التي تنص عليها المعاهدات الدولية .
4. قيام العلاقات الدولية على أساس العدل و الإنصاف .
إلا أن هذه العصبة عجزت عن حل كل الخلافات الدولية مما أدى إلى قيام الحروب و قيام الحرب العالمية الثانية ، و بعد نهايتها سنة 1945 م أنشأت منظمة « الأمم المتحدة » في نفس السنة و التي تعمل على حفظ الاستقرار و تحقيق مقاصد و مبادئ محددة في ميثاقها ، و كانت هذه المنظمة تعمل في سبيل تحقيق ذلك بواسطة مجموعة من الأجهزة ، كما عملت على إنشاء منظمات أخرى متخصصة في مجالات معينة تساعدها في مهامها
تقسيم العــالم :
كان المجتمع الدولي في هذه الفترة مقسما إلى معسكرين و كل معسكر يؤمن بأفكار إيديولوجية معينة ، و كان كل منهما يحاول التوسع و فرض سيطرته على أكبر قدر بين هذين النظامين ، أدى هذا بالمجتمع الدولي إلى أن أصبح يبحث عن قواعد دولية لضبط العلاقات على أسس قانونية ، فظهرت عدة مبادئ في هذا الشأن مثل : مبدأ التعايش السلمي ، الذي ينتهي بوجود اتفاق بشأن طبيعة القانون الدولي الذي يحكم العلاقة بين النظامين ، و يفرض حلا للنزاعات التي تقوم بينهما ، و إلى جانب ذلك ظهرت مجموعة من الدول ، وقفت موقف الحياد ، تتبع في ذلك سياسة عدم الانحياز التي تستند على بيان مؤتمر باندونغ 1955 م التي تضمنـــــــت مجموعة مبادئ تتعلق بالتعايش السلمي ، منها :
1. احترام حقوق الإنسان و مبادئ ميثاق الأمم المتحدة .
2. احترام سيادة جميع الأمم و سلامة أراضيها .
3. الامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول .
4. حق كل دولة في الدفاع عن نفسها .
5. تجنب الأعمال التهديدية أو العدوانية .
6. تسوية النزاعات بطرق سلمية .
7. تنمية المصالح المشتركة و التعاون المتبادل .
اتساع موضوعات العلاقات الدولية :
أصبح القانون الدولي يهتم بمواضيع شتى ، كانت أصلا في صميم القانون الداخلي ، كاحترام حقوق الإنسان ، و قــــد زالـــت عدة أوضاع كانت قائمة في القانون الدولي التقليدي مثل :
الاستعمار .
المعاهدات غير المتكافئة .
حق الدولة في استعمال القوة في العلاقات الدولية .
تحريم الاستيلاء على الأراضي بالقوة .
و في المقابل نشــأت عدة مبادئ مثل :
مبدأ سيادة القانون الدولي .
حق الشعوب في تقرير المصير .
حق الشعوب في التصرف في ممتلكاتها .
تطوير القانون الدولي للإنسان .